كتب _ ماهر عبدالوهاب
فقدت الساحة الفنية مساء أول أمس، رائدة الفن التشكيلي السعودي، الفنانة القديرة صفية بن زقر، التي وافتها المنية بعد مسيرة حافلة من الإبداع التي تركت بصمتها المضيئة في المشهد الثقافي والفني.
وقد أُديت صلاة الجنازة على الراحلة بعد صلاة الجمعة، يوم 13 سبتمبر، الموافق 10 ربيع الثاني، في مسجد الجفالي، ودفنت في مقبرة أمنا حواء.
كما سيُقام العزاء للرجال في منزل بن زقر بحي العزيزية – طريق المدينة الطالع بجوار لكزس، وللسيدات في دار الأبار بحي الروضة أمام ممشى التحلية، وذلك بدءاً من مساء أول أمس الجمعة ولمدة ثلاثة أيام.
الراحلة، التي عادت إلى السعودية بعد إتمام دراستها الثانوية في القاهرة، واجهت اختفاء العديد من العادات وطرق الحياة التي شهدتها في صباها.
من هنا، تبلورت رؤيتها الفنية التي سعت من خلالها لتوثيق العادات والتقاليد وحمايتها من الاندثار، حيث قالت: “وجدت هدفاً يُلهمني لرسم وتوثيق العادات والتقاليد خوفاً من اندثارها، وحرصاً من أن يُركن هذا التراث في المخازن”.
في عام 1995، أسست “دارة صفية بن زقر” بعد رحلة فنية امتدت لخمسين عاماً، والتي تضم لوحاتها ومقتنياتها الفنية، فضلاً عن مرسمها ومكتبتها الخاصة.
وفي عام 2000، صدر كتابها “رحلة عقود ثلاثة مع التراث السعودي”، الذي عرض أهداف الدارة ونشاطاتها بعد خمسين عاماً من العمل الدؤوب لتوثيق التراث الغني بشكل جمالي وبنّاء.
وأكدت في أحد لقاءاتها الإعلامية مؤخراً أن الدارة تُعد إرثها وطلبت من عائلتها الحفاظ عليها باعتبارها صدقة جارية، حيث تحتوي مكتبتها على أكثر من 5 آلاف كتاب في الأدب والفن العربي والإنجليزي، سيستفيد منها الباحثون.
كانت صفية بن زقر على اتصال دائم بمسقط رأسها مدينة جدة وموروثها العتيق، وقد ولدت في قلب المدينة القديمة عام 1940، حيث ارتبطت روحها بتراث المدينة منذ بداياتها.
إنتقلت مع عائلتها إلى القاهرة في أواخر عام 1947، ثم عادت إلى جدة عام 1963 لتجد المدينة قد تغيرت كثيراً. فبدأت بإعادة تكوين المدينة بريشتها، مجسدة أبنيتها وسكانها وأنشطتها وتقاليدها.
وتُعتبر صفية من رواد الحركة التشكيلية في السعودية، حيث بدأت مشوارها الفني بأول معرض لها عام 1968 في مدرسة دار التربية الحديثة بجدة، في فترة لم تكن فيها صالات عرض متخصصة.
بعد نجاح معرضها الأول، توالت معارضها في مدن سعودية ودولية، ليصبح لديها حصيلة 18 معرضاً شخصياً و6 معارض جماعية، مما جعلها معروفة كفنانة التراث السعودي محلياً ودولياً.
وفي تعليق للكاتبة فوزية أبو خالد، أشارت إلى أن صفية بن زقر كانت واحدة من جيل النساء الأوائل اللواتي تركن بصمة مبكرة على أجيال متتالية من بنات الوطن، ليس فقط في مجال الفن التشكيلي، بل على مستوى “نسوي”، من خلال فتح المجال للمرأة للحضور بفاعلية واحترام في هذا المجال.