حديث رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع  صحيفة “İl Sole 24 Ore” الإيطالبية: “بإمكان حزب الله الاستمرار كحزب سياسي.. يتوجب عليه تفكيك ميليشياته وقطع التعاون العسكري مع إيران”.

حديث رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع  صحيفة “İl Sole 24 Ore” الإيطالبية: “بإمكان حزب الله الاستمرار كحزب سياسي..  يتوجب عليه تفكيك ميليشياته وقطع التعاون العسكري مع إيران”.

حديث رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع  صحيفة “İl Sole 24 Ore” الإيطالبية

ضمن حوار أجراه معه المراسل روبيرتو بونجيورني

 

بالنسبة لمستقبل لبنان، يبدو سمير جعجع اكثر براغماتية وواقعية مما يتوقعه البعض من رجل مثله، عدواً منذ زمن طويل لحزب الله.

في هذه الأشهر الأخيرة، الزعيم اللبناني الأبرز هو حتمًا سمير جعجع. حكومات كثيرة تراقبه عن كثب حتى إسرائيل.

مسيحي ماروني، يبلغ من العمر 72 عاماً، أحد أشهر أمراء الحرب الأهلية بين العامين 1975- 1990. وهو اليوم الرئيس التنفيذي لأكبر حزب في بلاد الأرز: القوات اللبنانية.

 

لقاء جعجع في معراب يعني الخضوع لسلسلة من الاجراءات الأمنية الدقيقة قبيل دخول فيلته المحصنة والمطلة على بيروت، وكأنه يدل إلى التوازن الهش الذي ما تزال أرض الأرز تجد نفسها فيه حتى اليوم.

 

سيد جعجع، هل هناك حل ممكن لإنهاء الصراع؟

الحلول موجودة دومًا ولكننا لسوء الحظ، نواجه نوعين من المشاكل. فمن ناحية هناك الحرب الحالية بين إسرائيل وحزب الله، وما نتج عنها من أضرار على الجبهة الداخلية. ومن ناحية أخرى، المشاكل التي نعيش في لبنان منذ ثلاثين بل اربعين سنة. أعتقد أن الأولوية اليوم هي إنهاء هذه الحرب والتوصل إلى وقف إطلاق النار. ولكن المطالبة بهذا الامر لا يكفي ، رئيس وزرائنا يطلب ذلك منذ أشهر ولكن هناك طريقة واحدة فقط لتحقيق هذا الهدف: يجب على الحكومة اللبنانية أن تعلن بحزم أنها ستلتزم تنفيذ قرارات مجلس الأمن رقم 1559 (الذي ينص على نزع سلاح جميع الميليشيات)، ورقم 1680 ورقم1701 (الذي ينص على انسحاب حزب الله الى ما وراء نهر الليطاني)

يجب البدء من هذه النقاط والأفضل؟  انتخاب رئيس جمهورية .

لبنان اليوم يفتقد الى دولة حقيقية. منذ عامين ونحن من دون رئيس وحكومة موقتة. نحن في حاجة إلى رئيس يلتزم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة. وهذا هو السبيل الوحيد للتوصل إلى وقف إطلاق النار. والباقي يأتي في وقت لاحق.

 

لماذا لم تتمكنوا حتى الآن من انتخاب رئيس للجمهورية ؟

لأن محور المقاومة (من حزب الله إلى إيران) لا يريد حصول انتخابات حقيقية. انهم يريدون المشاركة في الجلسة الانتخابية فقط إذا حصلوا مسبقًا على اسم المرشح للرئاسة. ونظرًا لعدم سيطرتهم على الأغلبية في البرلمان، لا يمكنهم فرض مرشحهم وهو سليمان فرنجية . لقد حاولوا فرضه ولكنهم لم ينجحوا.

لذا شلوا الانتخابات.

 

عند انتهاء الحرب هل سيبقى حزب الله بالنسبة لكم حزباً سياسياً؟

يتمتع حزب الله بقاعدة جماهيرية كبيرة داخل الطائفة الشيعية في لبنان. نحن نحترم هذه الحقيقة. لذلك يمكنه بسهولة الاستمرار في العمل كحزب، ويمكنه أيضًا الحفاظ على علاقاته السياسية مع إيران، تمامًا كما لدينا علاقاتنا مع أصدقائنا: في أوروبا وإيطاليا والمملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى. لكن لا يمكنهم خوض العمل السياسي وفي الوقت نفسه تكوين ميليشيا عسكرية مستقلة عن الدولة.

 

هناك أكثر من مليون نازح لبناني. كيف يمكن معالجة هذه الحالة الطارئة؟

إنها مشكلة كبيرة، كنا نعيشها في العام 2006. لقد اعتاد اللبنانيون على ترك قراهم ثم العودة إليها في أسرع وقت ممكن. وهذا ما يريده اليوم معظم النازحين : “العودة إلى قراهم” بالرغم من البيوت المدمرة . يريدون العودة حتى الى مخيمات متوفرة للبدء من جديد، هذه ليست المشكلة الرئيسية. المشكلة الحقيقية هي إعادة الإعمار.

الدمار هائل ..

لحسن الحظ، للبنان العديد من الدول الصديقة، وخاصة في العالم العربي. لكن الدول العربية تغض النظر في الوقت الراهن. مع من تتعاطى ؟ لا دولة، والقرارات تتخذ خارج المؤسسات بسبب حزب الله. ولهذا السبب هم خائفون. حتى أصدقاؤنا من الغرب غادروا.

إذا تمكنا من انتخاب رئيس متمسك باستعادة سيادة القانون في لبنان، أعتقد أن إعادة الإعمار لن تشكل عائقاً.

منذ ايام، تمكنا من جمع مليار دولار من المساعدات فقط ومع ذلك، فإن جمع الأموال شيء، وإدارتها بشكل صحيح عند استلامها شيء آخر. وهنا يأتي دور الفساد.

 

كيف غذت الانقسامات الطائفية هذه الظاهرة المنتشرة؟

هنالك مشاكل نتيجة الانقسامات الطائفية. ومع ذلك، يجب الأخذ في الاعتبار أنه منذ ٢٠ عامل لم يكن لحزب الله أغلبية في البلاد. كان لديهم ميليشيا كبيرة، نعم. لكن الميليشيا تصنع الحرب، ولا تصنع السياسة. لذا، ولكي يحصلوا على الأغلبية، فقد عقدوا تحالفات مع الأفراد الأكثر فساداً في البلاد. لقد حكم البلد ولمدة 15 عاماً اصحاب تحالف السلاح والفساد . نحن بحاجة إلى تغيير جذري وإلا سنبقى حيث نحن اليوم.

 

حتى قبل الحرب، كان لبنان غارقًا بأزمة اقتصادية خطيرة للغاية. هل الإصلاحات قادرة على إعادة ازدهار الاقتصاد من جديد؟

لا نحتاج إلى إصلاحات مستعصية، بل إلى إصلاحات فحسب. على سبيل المثال، في السنوات الأربع أو الخمس الماضية، كان لدينا عجز في الميزانية السنوية يتراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار. هذه هي الخسائر المتراكمة منذ السنوات العشر الماضية. لكن إذا اعتبرنا أن التهريب كل عام وحده بين لبنان وسوريا يساوي ملياراً على الأقل ، وأن قطاع الكهرباء يولد خسائر بملياري دولار، لمجرد أن الجهة التي تسيطر على الوزارة كانت متحالفة مع حزب الله، وإذا اعتبرنا أن التهرب الضريبي يلتهم مليارين آخرين، فهنا، ومن خلال هذه “الإصلاحات غير المؤلمة” وحدها، يمكننا جمع 5 مليارات دولار.

منذ العام 2019، شهدنا انهيارًا اقتصاديًا. ولكن في العام 2022، بدأ الاقتصاد في النمو مرة أخرى. وفي العام 2023 كانت تظهر نتائج جيدة. ثم جاءت الحرب.

 

هناك شائعات عن توترات بين حزب الكتائب والقوات اللبنانية. كيف هي علاقاتكم اليوم؟

يجب ألا نستمع إلى أولئك الذين يتحدثون عن مشاكل كبيرة مزعومة. انها وهمية! انه مجرد اختلاف في الرأي لا أكثر.

الكتائب حزب سياسي، مثلنا تمامًا. نحن نناضل على الأرض نفسها. يمكننا القول إنهم ليسوا أقرب أصدقائنا، لكنهم ما زالوا أصدقاء سياسيًا. لنفترض أنهم مثل الجيران، لا أكثر ولا اقل .

 

دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد إلى إعادة جيش لبنان الجنوبي، تلك القوة التي ساعدت الجيش الإسرائيلي على احتلال جنوب لبنان في الثمانينيات والتسعينيات. ماذا تعتقد؟

إنه ليس حلاً على الإطلاق. ما حدث قبل 30 عامًا أصبح الآن جزءًا من الماضي. الوضع مختلف اليوم عما كان عليه آنذاك. لذا،  كلا، هذا ليس حلاً على الإطلاق. وبدلا من ذلك، يتم نشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان وإقامة دولة حقيقية

 

يحكى كثيرًا عن موضوع النازحين السوريين والمدنيين اللبنانيين. في حال توصلتم إلى اتفاق سلام، هل بإستطاعتكم حل القضية الشائكة المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين الموجودين في لبنان والبالغ عددهم 300 ألف؟

بالطبع يمكن حلها. بمجرد قيام دولة حقيقية في لبنان، يمكن حل كل شيء. عاجلًا  آم آجلا عندما يتحقق حل الدولتين (الفلسطينية والإسرائيلية)، سيتمكن اللاجئون من العودة إلى دولتهم. وفي هذه الأثناء، تتولى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الاعتناء بهم. وخلافاً للاعتقاد السائد، فإن اللاجئين الفلسطينيين لا يمثلون مشكلة بدون حل.

 

منذ 10 سنوات واكثر لديكم أكثر من مليون لاجئ سوري في لبنان اي ما يقرب من 20 ٪ من السكان. وقد ولّد وجودهم توترات اجتماعية وأثقل كاهل المالية العامة. ما هو توجهكم؟

لقد مارسنا ضغوطاً منذ ما ثلاث سنوات تقريبًا وخاصة مع الاتحاد الأوروبي. لقد طلبنا من دول الاتحاد الأوروبي عدم منح صفة اللاجئ للسوريين الذين يعيشون في لبنان  لأنهم لم يعودوا لاجئين. وباستثناء البعض الآخر المنتشر في جميع أنحاء البلاد وبالقرب من الحدود. لم تعد هناك أية حروب في شمال سوريا، ولكن الأموال التي يخصصها الاتحاد الأوروبي للاجئين السوريين تدفعهم إلى البقاء في لبنان. لا أحد يطلب منهم المغادرة. سيكون قرارهم. ولكن أريد أن أقدم توضيحا. عندما بدأت الحرب في جنوب لبنان، عاد ما لا يقل عن 300 ألف إلى 400 ألف لاجئ إلى سوريا. وهذا يعني أنهم لن يكونوا بخطر وعليهم العودة.

 

لقد بدأت التوترات الطائفية بين اللاجئين الشيعة والسكان المسيحيين والسنة في توليد عدم الاستقرار. هل يمكن أن يشعل ذلك صراعاً أهلياً؟

في إمكان ذلك كله أن يؤدي إلى مناخ من عدم الاستقرار، خاصة من الناحية النفسية، ولكن لن يؤدي إلى حرب أهلية جديدة. يقال أن رقصة التانغو تحتاج إلى شخصين. لا أرى ممثلين أو أكثر في لبنان يريدون رقصة التانغو في الحرب الأهلية. ولا شك أن الناس في خوف مستمر من التورط في غارات تستهدف عناصر حزب الله المختبئين بين المدنيين. يجب أن نحاول تخفيف المحاذير  على صعيد كل واحد منا.