افتتح داراً للمسنّين تابعاً للمبرّات في بنت جبيل فضل الله: مسؤوليتنا تزداد مع استمرار حرب التجويع والفساد الداخلي والضغط الخارجي

افتتح داراً للمسنّين تابعاً للمبرّات في بنت جبيل فضل الله: مسؤوليتنا تزداد مع استمرار حرب التجويع والفساد الداخلي والضغط الخارجي

رعى العلّامة السيّد علي فضل الله حفل افتتاح “دار الرأفة الصحي الاجتماعي” التابع لجمعية المبرّات الخيرية في مدينة بنت جبيل بحضور النائبيين أشرف بيضون وحسن فضل الله ورئيس اتحاد بلديات بنت جبيل الأستاذ رضا عاشور، وحشد من الفاعليات الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية والصحية والبلدية والاختيارية.
استهل الحفل بآيات من القرآن الكريم ثم عرضٌ لفيلم قصير عن مراكز رعاية المسنّين التابعة للجمعية، بعد ذلك ألقى مدير الدائرة الصحية في الجمعية الأستاذ أسعد حيدر كلمة رحب في بدايتها بالحضور، مؤكّداً “أنّ المرجع فضل الله أراد لدور الرعاية أن لا تقتصر وظيفتها على تقديم خدمة جسدية وعلاجية ومكان إيواء أو تقديم أدوية أو غير ذلك، بل أرادها أن تحمل البعد الرسالي والإنساني المجتمعي، بحيث تعمل على إحداث فارق نوعي في حياة المسنّين، من خلال العمل على استعادة أدوراهم كشخصيات فاعلة في المجتمع”.
ثم كانت كلمة لرئيس اتحاد بلديات قضاء بنت جبيل الأستاذ رضا عاشور أعرب فيها عن “فرحته وسروره بهذا الإنجاز الذي يأتي في ظروف قاسية، وهو خير دليل على مدى الاهتمام بالإنسان والسعي لحفظ كرامة هذا المجتمع من الناحية الاجتماعية والإنسانية”، مشيراً إلى “أنّ جمعية المبرّات الخيرية ومن هذا المنطلق تشعر بالواجب والمسؤولية، عملاً بوصايا سماحة المرجع فضل الله الذي أنشأ هذه المؤسسات لخدمة الفقراء والمساكين والأيتام والمحتاجين”.
وفي الختام كانت كلمة لراعي الحفل العلّامة فضل الله جاء فيها: “هذه مهمّة من المهمّات الكبرى التي آلينا على أنفسنا أن نتحمل عبء حملها الثقيل في سبيل خدمة الإنسان والحفاظ على كرامته، والتخفيف من عنائه وشقائه وأوجاعه، فنحن لم نكتفِ بالتذمر والتأفف وتوجيه الانتقادات إلى كل من يتحمل مسؤولية بقاء هذا الوضع المؤلم من دون أي معالجة، سواء كان من الأوساط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية القادرة، أو من الطبقة السياسية الحاكمة التي تنكرت لكل مسؤولياتها على مستوى المجتمع والوطن، بل تحركنا ومعنا كل المؤسسات المماثلة وكل الخيّرين، أصحاب الأيادي البيضاء والقلوب المنفتحة على الآخرين للقيام بالمسؤولية التي أودعها الله على عاتق كل إنسان، فعملنا على أن نعالج شرخاً هنا ونسدّ ثغرةً هناك ينفذ منها الجهل أو العوز أو المرض وذلك في سبيل النهوض بهذا المجتمع من خلال رسل الخير والمحبة والعطاء لنشكّل نموذجاً حضارياً إنسانياً في بناء المجتمع لنفسه، لا سيما في المجالات الضرورية التي يحتاجها”.
وأضاف: “نحن مدعوون في كلّ منطقة من مناطقنا بما نستطيع في مواقع البناء، لتأمين أبسط مقومات الحياة للمواطنين، حتى نؤكد بأننا نستطيع أن نغيّر في هذا البلد على المستويات كافة، لا سيّما على مستوى بناء الوعي الوطني واستنهاض الإنسان الملتزم والحر في مواجهة كل هذه الطبقة التي لم تكتف بأن أهملت القيام بواجباتها تجاه من أودعوهم ثقتهم وأمانتهم، بل صنعت كل هذه الأزمات التي نشهدها على صعيد هذا الوطن ودفعت أهله إلى التسوّل، وحتى أن يهيموا في بلاد الله الواسعة رغم حبهم لوطنهم ليكون البديل الذي ندعو إليه هو الدولة القوية، الدولة العادلة التي تشكل عنصر الحماية والحصانة للمواطن والوطن والتي يشعر فيها الإنسان بكرامته وعزته ومنعته”.
وتابع: “إنّ هذه المنطقة التي عانت طويلاً من الإهمال وصلف الاحتلال تستحق منّا أن ننظر إليها بعين الوفاء، وأن نكون في خدمة أهلها بالإمكانات التي نملكها، وبتضافر الجهود بين من يملك حس المبادرة، ومن يملك أن يقدم شيئاً، ومن يتحسس مسؤولية خدمة الناس، فلا نوفر أي طاقة ولا نهمل أي فرصة لكي نحاول أن نرتقي في هذا الجانب. فلأهل المنطقة حق علينا وعلى كلّ الوطن الذي لم يبخلوا من أجله عندما صبروا وضحّوا وقدّموا فلذات أكبادهم في مواجهة المحتل والغازي طوال التاريخ وفي الماضي القريب، ولهم الحق في أن نقدّم لهم ما يعيد شيئاً من الأمل إلى أهل هذه المنطقة بمستقبل أفضل”.
وأشار سماحته إلى أن “المسؤولية تزداد في هذه الفترة حيث تستمر حرب التجويع التي اشترك فيها اثنان: الفساد الداخلي والضغط الخارجي، ولطالما قلنا بأن الفساد هو الوجه الآخر للاحتلال لأنّه هو الذي يستدعيه إذا رحل، وهو الذي يركّز أقدامه إذا استمر”.
وشدّد على أنّ “كلّ ما نقوم به يأتي في سياق الوفاء للسيّد الراحل المرجع السيّد محمد حسين فضل الله، ولكل من كان يتطلع إلى أن تكون هذه المنطقة في أولوية الاهتمامات، وإلى بناء مجتمع متكامل متعاون بين أفراده وجماعاته وقطاعاته الحيّة، لا يضيع فيه فقير أو يتيم أو مستضعف، مجتمع يحمي كرامة وعزّة من بلغوا الشيخوخة والكهولة، هؤلاء الذين بذلوا أعمارهم في المشقّة والعناء لأجل أن نعيش أحسن مما عاشوا، ونتعلم في درجة أرقى مما تعلموا، حتى صرنا ندين لهم بكل إنجاز تمّ تحقيقه، وبكل وجه من وجوه النهضة، أمّا اليوم فهم البركة الحقيقية التي نستشعر آثارها في كلّ مجالات العطاء الإنساني والإيماني والرسالي”.
وختم بالقول: “بقدر ما نكبر في العمر، فإنّ علينا أن نحترم كبارنا أكثر، نحترم تجاربهم ونتعلم منهم، نتعلم من نجاحاتهم ومن إخفاقاتهم، إنّنا بحاجة إلى تمثّل الطيبة التي تحلّوا بها والصبر الذي عاينوه والعزم الذي حملوه والتكافل الذي عاشوه والأحلام التي تمثّلوها”.
يشار إلى أن مركز دار الرأفة يتألف من أربعة طوابق تضم: مركز طوارئ للمسنّين، عيادات تخصصية، مطعماً، صيدلية، غرف إقامة، مركز علاج فيزيائي تأهيلي وتجميلي، نادياً رياضياً، ومصلّى.